تطور علم البيئة

 

 بسم الله الرحمان الرحيم

تطور علم البيئة

ان علم البيئة باعتباره علما مستقلا هو علم حديث الظهور بالرغم من قدم اسسه , اذ ان دراسة البيئة والاهتمام بها مسالة ليست حديثة العهد , فقد حظيت البيئة وعناصرها المتنوعة باهتمام كبير من قبل الكثير من المفكرين والفلاسفة والعلماء لدى اليونان والرومان والعرب والروس والفرس والصينيين والهنود وغيرهم. ويمكن القول ان العلاقة بين الانسان والبيئة واثر البيئة على التجمعات البشرية شغلت اذهان الجغرافيين على مر الزمن حيث تغيرت النظرة البحتة لهذه العلاقة على مدى القرون الثلاثة الاخيرة لتستقر في النهاية على مضمون التفاعل العضوي الايكولوجي بين العنصرين . وكان لتاخر ظهور هذا العلم بوصفه علما محددا اسباب منها وصفه بانه علم معقد, وتعد طريقة تفكير مجملة لمشاكل فيها عدد من المعطيات والمجاهيل غير قابلة للقياس , وان دراسته ليست تابعة لاختصاص محدد.

تطور علم البيئة، البيئة، الدراسة، التعلم، النظام البيئي، جغرافيا، تاريخ، باك، باك2024، مصطلحات، شخصيات، تواريخ


اخذ علم البيئة يحظى باهتمام كبير ومتنام في السنوات الاخيرة , وقد مر علم البيئة منذ نشوئه حتى الان بعدة مراحل اساسية اهمها :

1-المرحلة الاولى :

وهي مرحلة علم البيئة الذاتية او الفردية , وقد امتدت هذه المرحلة قرابة قرن من الزمان اي من ستينات القرن التاسع عشر وحتى ستينات القرن العشرين . وتركز اهتمام علم البيئة في هذه المرحلة على دراسة علاقة نوع ما من الكائنات الحية بالعوامل الحية وغير الحية الاخرى , ودراسة انتشار مختلف الكائنات الحية وتوزيعها وتعدادها . واهتم هذا العلم بدراسة نوع واحد من الكائنات الحية في مجموعة مترابطة من الانواع في بيئة محددة بالاعتماد على التجرية والدراسة المخبرية والميدانية للحصول على المعلومات المطلوبة . وفي هذه المرحلة تم اكتشاف العديد من القوانين الاساسية في علم البيئة كقانون ( ليبج ) الذي وضعه العالم الالماني ليبج والذي يعد احد المبادئ التي تحدد دور العوامل البيئية في انتشار وتكاثر الكائنات الحية وتطورها . وكذلك قانون المناعة والقدرة على التكيف الذي وضعه العالم ميدافار .

2-المرحلة الثانية :

مرحلة علم البيئة الاجتماعي , وامتدت هذه المرحلة عقدين من الزمن تقريبا مابين 1960-1980 واهتم العلم في هذه المرحلة بالاتجاه الاجتماعي لدراسة البيئة بسبب تزايد الاحساس بخطورة تلوث البيئة في مختلف المجالات واتسعت دائرة الاهتمام بالبيئة من قبل الكثير من المختصين في مختلف الفروع العلمية . وتناول علم البيئة في هذه المرحلة دراسة تفاعلات الجماعات او الانواع المتباينة التي تتعايش مع بعضها البعض في مجال بيئي قد يكون محدودا جدا , وقد يكون اكثر اتساعا مثل البيئة الصحراوية او بيئة الغابات المطيرة او البحيرات الكبيرة المساحة . وقد شهدت هذه المرحلة حركة احتجاج شعبية غاضبة ضد تلوث البيئة والمخاطر التي تتعرض لها بعد نشر الكاتبة الامريكية في الستينات راشيل كارسون كتابها ( الربيع الصامت ) الذي يحذر من مخاطر التلوث البيئي .

3-المرحلة الثالثة :

شملت هذه المرحلة العقدين الاخيرين من القرن العشرين حيث شهدت المزيد من الاهتمام بالبيئة والمزيد من سن القوانين والتشريعات البيئية الوطنية والاقليمية والعالمية واعادة التقييم لمجمل النشاطات البيئية والاثار الناتجة عنها . وتميز علم البيئة في هذه المرحلة ببناء صورة متكاملة وواضحة عن المشكلات التي تعاني منها البيئة , مثل التلوث البيئي واستنزاف الموارد الطبيعية وتامين المواد الغذائية ومعالجة العجز المائي والتصحر والفقر وتدهور الاراضي والغابات ..الخ , وتميزت هذه المرحلة ايضا بظهور مفاهيم وفروع جديدة في علم البيئة مثل الايكولوجيا الكونية , الهندسية , الزراعية , الثقافية , الاجتماعية , وايكولوجيا الانسان , والمحيط الحيوي .

4-المرحلة الرابعة :

وهي المرحلة الحالية ويمكن تسميتها بالمرحلة العالمية وتتميز بثورة المعلومات والاتصالات او عصر الوسائط المعلوماتية حيث الاستخدام الكبير لانظمة المعلومات الجغرافية (GIS) حيث تستطيع انظمة المعلومات الجغرافية ان تربط المعطيات المختلفة للمكان كان تربط بين احصاءات السكان في مدينة ما مع معدل اسعار السكن وعدد المؤسسات الانتاجية ونسبة انتشار البطالة ومستوى الدخل ومعدل الاصابة بالامراض وغيرها من المتغيرات التي تتبادل التاثير . كما تزايدت الاستخدامات السلمية للاقمار الصناعية في الرصد والاتصال والبث حيث يدور حاليا حول الكرة الارضية عدة مئات من الاقمار الصناعية المتعددة الاهداف منها مثلا تامين الاتصالات اللاسلكية والتلفزيونية والهاتفية الحديثة وكشف التلوث والتملح وتحسين الزراعة وحماية التربة واعادة التشجير ورصد الموارد الطبيعية ومكافحة التصحر ....وغير ذلك وقد عرفت هذه المرحلة المزيد من النضج وتنامي الحركة البيئية وظهور المزيد من الجمعيات والاحزاب البيئية في مختلف مناطق العالم وركزت اهدافها على حماية البيئة ووقف تلوثها وتخريبها واستنزاف مواردها .

ويمكن القول ان تطور علم البيئة ووصوله الى دائرة الاهتمام الحالية به يعود الى مجموعة من العوامل هي :

1-التزايد السكاني في العالم وخاصة في دول العالم الثالث التي تعاني من مشكلات عديدة في مجالات  عديدة  منها في الاقتصاد والصحة والمجتمع والتغذية والتعليم وغيرها ...ومما يزيد حجم المشكلة ان معظم التوقعات والاحصاءات تشير الى ان تعداد سكان العالم سنة 2050 حوالي 9 مليار نسمة .

2- انتشار الفقر والامراض والمجاعات والحروب الاهلية خاصة في الدول التي لم تواكب التقدم العلمي والتقني وتفاقم مشكلاتها الاجتماعية .

3- تناقص الغطاء النباتي بسبب قطع الغابات واستخدامها في الصناعة او كمصدر للطاقة او في عمليات البناء , اضافة الى تقلص مساحة الاراضي الصالحة للزراعة بسبب التوسع العمراني , وتعرض كثير من الاراضي الى ظاهرة التصحر التي تهدد الثروة النباتية والزراعية مما ادى الى زيادة مساحة الرقعة الصحراوية مع تناقص اعداد الحيوانات وانقراض البعض منها .

4- التقدم الصناعي ومانجم عنه من اضرار للانسان بسبب تلوث الهواء ومياه الانهار والبحيرات والبحار والنباتات وغذاء الانسان والحيوان اضافة الى سوء التخطيط لبرامج التصنيع مما ادى الى تفاقم مشكلات التلوث في مختلف البيئات البرية والمائية والهوائية .

5- التقدم الكبير لوسائل النقل والاتصالات مما ادى الى تفاقم مشكلات تلوث البيئة رغم ان التقدم في مختلف المجالات حقق انجازات هائلة لصالح البشرية ولكن ظهرت الكثير من المشاكل في البيئة مصاحبة لهذه الانجازات .

النظام البيئي Ecosystem

يتالف مصطلح النظام البيئي من كلمتين يونانيتين هما Oikos  بمعنى بيت او مسكن , وSystem  بمعنى نظام , ويعني بذلك نظام بيئة البيت او المكان . وللنظام البيئي الكثير من التعريفات وتجمع كلها على انه " وحدة تنظيمية تحوي عناصر حية واخرى غير حية اي انه يشمل جماعات وعناصر بيئية مختلفة يحدث فيما بينها تفاعل ديناميكي خاصة من خلال تبادل المادة والطاقة بين هذه العناصر " . ويعرف ايضا " مجموعة من العناصر تعمل متكاملة ومتفاعلة فيما بينها وان غياب اي جزء منها يؤثر على كامل النظام " او " تواجد المجمعات الحية ضمن وسط طبيعي غير حي " وبالتالي فهو كيان متكامل ومتوازن يتالف من كائنات حية ومكونات غير حية وطاقة شمسية ومن التفاعلات المتبادلة فيه , فالغابة مثلا باحيائها ومكوناتها غير الحية نظاما بيئيا متكاملا , والصحراء كذلك , والبحر , والنهر , والجبل .وتنشا بين مكونات النظام البيئي علاقات تخضع الى قوانين طبيعية منظمة تكفل دوامها واستمرار الحياة وقيام نظام بيئي متوازن . ويرى بعض الباحثين ان علم البيئة هو علم دراسة النظام البيئي . لان دراسة اية ظاهرة بيئية مرتبط بمدى علاقتها بالنظام البيئي بالنتيجة .

واول من استخدم مصطلح Ecosystem  هو العالم تنسلي عام 1935 , والذي يرى ان النظام البيئي هو اي وحدة مهما اختلف حجمها واختلفت حدودها .

 

تعليقات