تحضير درس المقاومة ورفض الوجود الاستعماري ومظاهره

 

بسم الله الرحمان الرحيم 

الإمبراطورية الاستعمارية البرتغالية

أول امبراطورية استعمارية عالمية دامت 6 قرون من1415^م الى 1999^م تعود بدايتها الى حركات الاسترداد المسيحي لشبه جزيرة ايبيريا وكان هدف الاحتلال البرتغالي الصليبي الانتقام من المسلمين بمحاصرتهم وانتزاع تجارة الشرق منهم بعد نجاح بارثولوميو دياز في الوصول الى أقصى جنوب افريقيا1487^م ثم وصول فاسكو دي غاما الى شبه القارة الهندية1498^م.

وقفت الكنيسة الى جانبهم وشجعتهم على القيام بمثل هذه الغزوات بإصدارها لعدة قرارات ومراسيم بابوية منها اتفاقية "ثورديسيلاس" 07جوان 1494^م تم بمقتضاها تقسيم العالم المعروف أنداك بين اسبانيا والبرتغال، حصل البرتغاليون على ما كانوا يريدون من الكنيسة واغتنموا الفرصة وانشؤا سلسلة متكاملة من الوكالات التجارية مع حاميات عسكرية على طول السواحل الافريقية المؤدية الى شبه القارة الهندية ومنها توغلوا نحو الشرق بعد تغلبهم على الحلف الثلاثي "البندقية، العرب، الهنود" في معركة "ديو البحرية"1509^م فسيطروا على جزر التوابل والمراكز الاستراتيجية انطلاقا من "غوا" بالهند1510^م حيث أقدم "البو كيرك" على جعلها عاصمة الإمبراطورية البرتغالية بعد أن اباد جميع سكانها المسلمين.

من اجل السيطرة على المنطقة وضع البرتغاليون جميع النقاط الحساسة والبوابات البحرية الهامة تحت حمايتهم فبعد اضعاف اعدائهم في منطقة البحر الأحمر نشروا اقلاعهم وحصونهم وأحكموا سيطرتهم على البوابات البحرية الثلاثة الموصلة الى المحيط الهندي "مضيق هرمز، باب المندب، والقا"1511^م ليأتي الدور على جزر التوابل والمراكز الاستراتيجية وعلى رأسها "أمبوان، تيرنات، تيدور"1514^م وهي أغنى جزر اندونيسيا بالتوب، سيطرة البرتغاليين امتدت الى كولومبو1519^م ثم كانتون ومكاو بالصين1516^م و1552^م.

ان حقد البرتغاليين على الإسلام والمسلمين بقي متأججا في أنفسهم منذ الحروب الصليبية لهذا نجد أن من بين أهم أهدافهم انتزاع تجارة الشرق من أيديهم واضعافهم ومحاولة دحرهم في عقر دارهم والى غاية منتصف القرن16^م شملت سيطرتهم أجزاء كبيرة من سواحل افريقيا واسيا من المغرب الأقصى على المحيط الأطلسي الى شرق افريقيا على المحيط الهندي.

عوامل نجاح البرتغال (السيطرة الواسعة):

-قوة المدفعية وسياسة التقتيل والإرهاب

-استعمال كل الوسائل الخسيسة كالخديعة وشراء الذمم واستخدام المرتزقة

-انفراد البرتغال بميزة الاستقرار الداخلي واستغلال تفكك وصراعات الدول مما مكنهم من الحصول على مبتغاهم بسهولة كما هو الحال في شبه القارة الهندية

أدت سياسة التقتيل والنهب الى حصول البرتغال على مغانم وثروات كبيرة وأرباح ضخمة من تجارتهم في التوابل والسكر والعبيد وقدرت أرباح العرش البرتغالي ب 1مليون واضحت لشبونة أغنى مدينة في أوروبا، واشتهرت في النصف الأول من القرن16^م بتجارة الرقيق التي كان البرتغاليون السباقون اليها عام1442^م على سواحل "ريو دي أورو" على المحيط الأطلسي حيث بلغ عدد العبيد الذي نقلته البرتغال نحو البرازيل من4 الى5 ملايين من1500^م الى1820^م وما يلاحظ أن الثروات كانت موجهة للعرش وحاشيته والمغامرون والتجار الكبار ولم يستفد منها الشعب البرتغالي ولا البلد.

استعمار البرازيل:

اتجه البرتغاليون الى أمريكا الجنوبية حيث وصل الملاح البرتغالي "بيدرو كبرال" 1500^م الى سواحل البرازيل وهو في طريقه الى الهند، توطد الاستعمار البرتغالي في البرازيل بعدما حصلت عليه اسبانيا من الكنز النفيسة من ذهب وفضة في أمريكا وادراكهم ان احتكارهم للتجارة الشرقية لم يتحقق تماما.

بدأت البرتغال تنظم استغلالها للبرازيل واتبعت نظام الاقطاع فأخد المغامرون البرتغاليون اقطاعات من أرض البرازيل بحيث يرتكز كل اقطاع على قاعدة في الساحل ثم يتوغل صاحب الاقطاع الى الداخل وطبقت عليها سياسة اقتصادية معينة فنشرت نظامها وتقاليدها والديانة المسيحية على المذهب الكاثوليكي.

بدأت حركة واسعة لنقل ألاف العبيد من وطنهم في افريقيا الى أمريكا ليعملوا في مزارعها ومناجمها، وبفضل سواعد السود تم تعمير البلاد وزيادة الإنتاج وبناء المدن.

استنتاجات:

-اتجهت سياسة التوسع البرتغالي في العالم الجديد البرازيل الى تشجيع البرتغاليين على الاستيطان وتحقيق الاستغلال وتدعيم الاستعمار، وأصبح المستوطنون البرتغاليون يشعرون بالانتماء لهذه الأرض، لذلك استطاعت البرازيل أن تدافع عن نفسها كمستعمرة برتغالية في أول الأمر واستكملت مقاومتها حتى استقلت عن البرتغال في القرن 19^م

-اتجه التوسع البرتغالي في الشرق الى افريقيا واسيا واحتل المراكز والمحطات التجارية وسعى لاحتكار التجارة الشرقية الا أنه في الشرق لم يتجه الى استغلال الزراعة ولا المناجم ولا جبي الضرائب وتحقيق الأرباح من السكان ولم يكن التوسع البرتغالي قائما على قواعد وأساليب استعمارية لذلك لم تصمد طويلا أمام منافسيها من الدول الأوروبية الاستعمارية الأخرى

-اتجه الاستعمار البرتغالي أساسا الى التجارة وتحقيق الأرباح دون الإدارة وتسيير الحكم فرغم أن البرتغال استطاعت السيطرة على الطريق البحري والتفوق في المياه الشرقية حيث امتدت من افريقيا الى اسيا على مدى قرن ونصف من الزمان الا أنها عجزت عن احتكار تجارة الشرق احتكارا تاما

-عمل ملك اسبانيا فيليب الثاني على بسط سيادة أسرته في أوروبا فطالب بحق الوراثة في البرتغال بعد وفاة ملكها (سيبستيان) وبقيت الدولتان تحت تاج واحد وهو ما يعرف بالاتحاد الايبيري 1580^م-1640^م

-توسعت رقعة اسبانيا في أوروبا وبسطت نفوذها على المستعمرات البرتغالية في أمريكا الجنوبية وافريقيا واسيا الا ان ملك اسبانيا أهملها فأصبحت مصالحها واملاكها نهب للدول الأخرى (هولندا، إنجلترا، فرنسا)

-بدأ ضعف الإمبراطورية البرتغالية في منتصف القرن 16^م وزاد بفقدها استقلالها لصالح اسبانيا فسارت الى الانحلال شيئا فشيئا، أسهت كل هذه العوامل في نهايتها حيث كان كل همهم هو الحصول على تجارة التوابل وتعزيز مركزهم عن طريق إقامة القلاع والحصون وبعض المحطات المسلحة في الشرق (سومطرة، مسقط، عدن، هرمز، ملقا) وحصلوا من السكان على الجزية ومنعوهم من مزاولة التجارة وأقام البرتغاليون في المناطق النائية نظاما من الحكم كان من عوامل انحلال إمبراطورتيهم حيث جمعوا السلطة كلها في نائب الملك المقيم في "غوا" الذي تمتع بسلطة مطلقة فكان يفرض الضرائب وينفق على الإدارة ويعامل الأهالي بقسوة وأنشئت البرتغال محاكم التفتيش في "غوا" 1540^م ورغم عظمة الإمبراطورية البرتغالية الا أنها لم تستفد من ذلك وضلت تعتمد على الرقيق وضلت لشبونة العاصمة الغير مزدهرة.

تعديل المقال